فالله تعالى هو الذي وزع المواهب، ووزع الطاقات، فنرى في حالنا اليوم من الناس من يفتح الله عليه من العلم ما يشاء، لكنه لا يستطيع أن يدير بيته، أو أسرته، ولا يستطيع أن يقدم أو يؤخر.
ومن الناس من أعطاه الله تعالى مقدرة إدارية، فيدير دولة، ويدير وزارة، ويدير كل شيء، ومع ذلك تجده قليل العلم، ومنهم من يجمع له الله تعالى هذا وهذا، وانظروا إلى عمر رضي الله تعالى عنه بالذات؛ لطول مدته، ولما كان في أيامه، وكذلك كان الصديق أيضاً من قبل، فقد أعطاهم الله تبارك وتعالى العلم، وأعطاهم أيضاً القدرة والقوة.
وأما أبو ذر رضي الله تعالى عنه فقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا شفقة منه ونصحاً؛ ولذلك إذا كنت تحب إنساناً فليس معنى ذلك أنك تعطيه، أو توليه، أو تورطه في أمر من الأمور، فأنت بهذا تكون قد دفعته إلى باب فتنة وشر وبلاء عظيم والعياذ بالله؛ ولذلك نجد أن عمر رضي الله تعالى عنه لما أشار عليهم بـعبد الله بن عمر؛ قال: [استشيروه، ولا يولى بعد، يكفي واحد من آل عمر].
وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه ليس دون بقية من اختارهم عمر رضي الله تعالى عنهم جميعاً للشورى، ولكن أمرهم عمر ألا يختاروه خليفة؛ ولكن يستشيروه، فجمع بين الأمرين: أن يستفاد منه لمكانته، وعلمه، ومحبة الأمة له، وإجماعها عليه وعلى فضله، فيؤخذ رأيه، لكن لا يتولى، وقال: [يكفي واحد من آل عمر؛ إن كان في الجنة وإن كان في النار].
وكذلك كان عمر بن عبد العزيز وغيرهما ممن كانوا يعلمون أن الأمر تكليف ومشقة، وأن المسألة ليست مجاملة، أو مداهنة، أو محاباة من القريب لقريبه، أو من الحبيب لحبيبه.